3 – محطّة العمل مع المشاعر: تخطّي الثنائيات

أولاً: موضعة النصّ في سياقه

تعزّز الشعور لدينا خلال الهبّة الشعبية الكبرى سنة 2021 وبعدها بأننا نختبر جميعاً مشاعر مختلطة عند احتدام المواجهة، فنلاحظ وجود فجوةٍ بين ما نختبره في ذات اللحظة وبين ما تعلّمناه ونتعلّمه وما نجده في علم النفس المهيمن و/أو في الخطابات العلاجيّة النفسيّة. على الرغم من صعوبة المرحلة، ومن شدّة العنف الذي مارسه الاحتلال ضدّنا كفلسطينيّين في شتّى مواقعنا الجغرافية، لم تقتصر ردود الأفعال خلال الهبّة على الحزن أو الغضب أو الإحباط، ولم تقف هذه المشاعر التي تملّكتنا أمام استمراريّة التنظيم الذاتي والتحرّك والمواجهة، ولم تقُم المشاعر – التي يعتبرها علم النفس المهيمن مشاعر «سلبيّة»- بدورها المتوقّع في دفعنا لنكون أفراد خاملين أو غير فاعلين، بل على العكس؛ ساهم  اختبارنا لهذه المشاعر – كجماعة وليس كأفراد فحسب- إلى تعزيز تآزرنا.

ناقشنا في النصّ السابق الأساسات المركزيّة لعلم النفس المهيمن وبدأنا الخوض في استكشاف ونقد الفرضيّات والثنائيّات التي يتأسّس عليها. نرتكز في هذا النصّ على سابقه، ونتوسّع في الحديث عن التركيبات المشاعريّة -التي لا يمكن حصرها في ثنائيّات- من منظور علم النفس التحرّري المتجذّر في تجربتنا، كما نراجع أهمية التركيبات والتعقيدات التي نجدها في الأبعاد النفسيّة والمشاعريّة، والتي تعكس واقعاً معقداً وترتبط به بشكلٍ مباشر.

يعتمد عدم اختزالنا للتجربة، أو تحييد تعقيداتها، أساساً على فهمنا لأنفسنا وعلاقتنا باللحظة المعاشة، وعلى المستقبل الذي نطمح لبنائه. وهذا ما يمكّننا من استكشاف ما يمكن فهمه عند تجاوز تلك الثنائيات، والتوجّه نحو المعرفة المضمّنة في هذه المشاعر المركّبة. على سبيل المثال في الهند، ومن نقد مفاهيم علم النفس واستدخاله لدى المجتمع المستعمَر، انطلق فهم دور علم النفس، تحديداً في المجتمعات المستعمَرة، من كونه يأتي لتعزيز وتكريس الاستعمار والرأسمالية من خلال مفاهيم «الشخصيّة» وبناء نموذجٍ اقتصاديّ للذات والمشاعر والسلوكيّات يقوم على مبادئ السوق الخاص الرأسمالي [1].

بذلك، يُفهم اتخاذ موقفٍ مقاوم وناشط تجاه المباني الاجتماعية القامعة على أنّه موقف معارض لمعظم التوجّهات العلاجيّة، والتي تقتصر بدورها على إطارٍ زماني ومكاني محدّد، والذي غالباً ما يكون في غرفة العلاج. بيد أن اتّخاذ هذا الموقف المقاوم يتيح لنا التمركز في الأسباب الجذريّة للأذية والصعوبات النفسيّة والعاطفيّة المرافقة، والتحوّل من مجرّد شاهدين لتأثيرات القوّة والقهر إلى فعّالين في مواجهتها [2].

نتناول في القسم التالي الثنائيّة الهرميّة للمشاعر، والتي يتأسّس عليها مجال علم النفس النظريّ والعمليّ، ويتمّ من خلالها اعتبار المشاعر إما إيجابية/جيدة أو سلبيّة/سيئة.  نعرض ثنائية المصدوم- المتعافي كنموذج يساهم في حصر وتحديد تفكيرنا وفهمنا للواقع المعاش، وما يحتويه من مشاعر أكثر تعقيداً وتركيباً من هذه الثنائيات. ننتقل بعدها لنقاش الثنائية القطبيّة والهرميّة بين المشاعر وبين التفكير أو المنطق، وكيف يمكن لمشاعرنا أن تصبح مورداً سياسيّاً ومحطّةً لبناء معرفةٍ نقديّة لواقعنا. نختم في القسم الأخير بتأمّلٍ في ثنائية المشاعر والعمل، ونحاول موضعة المشاعر كجزءٍ جوهريّ من العمل والنشاط السياسيّ.

ثانياً: ثنائيّات نفسيّة في القهر والمواجهة – ما بين الصدمة والصمود

عند رجوعنا للأدبيّات والنظريّات حول الأبعاد النفسيّة للقهر والمواجهة، نجد أن إحدى الثنائيّات الشائعة هي ثنائية المصدوم والمتعافي، والتي تقسّم الأشخاص من المجموعات المقهورة لقطبين (وفقط اثنين) وهي: إمّا أن يكون الشخص مصدوماً من العنف والقهر الذي يواجهه، ويشعر بالخوف منه ويكون ضحية أمامه، أو أن يكون متعافياً وقوياً وشجاعاً ومقاوماً وسليماً وصامداً، وبإمكانه التعامل مع هذا العنف بطريقةٍ جيدة لتجاوز صدمته.

إنّ هذه الثنائية الهرميّة، ما بين المشاعر التي تعتبر إيجابية والسلبيّة، هي ثنائية قائمة في أساس علم النفس المهيمن. ولذلك، نلمس بأنّ التوجّه الأوّلي (والمفروغ منه) لعلم النفس والأخصائيين النفسيين تجاه الشخوص/المجموعات التي تختبر عنفاً سياسياً استعمارياً أو غيره ينطلق من التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة، وبالتالي يستوجب تدخلاً فرديّاً حول الأعراض وعلاجها (فقط). غير أنّ الطبيعة الجمعيّة والمزمنة للعنف الذي يواجهه الشعب الفلسطيني – من تهجير وقتل وتطهير عرقي وفصل عنصري – تتطلّب تخطّي النموذج المَرضي والفرداني للتعامل مع الصدمة، والنظر إلى مصادر العنف وسُبل مناهضته. كما للصدمات والأذية مصدر اجتماعيّ وسياسيّ واقتصاديّ، يتوجب علينا الاعتراف بها والعمل على تغييرها، بدلاً من التركيز على التعامل مع الأعراض والصعوبات التي يختبرها الأفراد [3].

هناك الكثير من الكتابات والأبحاث التي تنتقد إسقاط اضطراب ما بعد الصدمة على المجموعات المقهورة (بالذات كما يعرف حسب الدليل التشخيصي والإحصائي Diagnostic Statistical Manual – DSM)، ويمكننا استخلاص بعض هذه الانتقادات المركزية منها. على سبيل المثال، الأعراض التي يعرضها الدليل الإحصائي لـ «الصدمة» لا تتوافق مع التجربة التي يمرّ بها المرء، وهنا نخص بالذكر التجربة الفلسطينية، أو مثلاً انتقاد تعريف «الحدث الصادم». كما لا تزال المحادثة عن الأبعاد النفسية المرتبطة بالحدث محصورةً في التجربة الفرديّة في معظم هذه المقاربات، وتحدّد نوع التفاعل مع الواقع المستمرّ في خانة واحدة وهي الصدمة. لهذا السبب، يُعتبر خطاب «اضطراب ما بعد الصدمة» في بعض النصوص النقدية كمصدر أذيّةٍ إضافيّة تجاه المقهورين [4].

وبالنسبة للانتقاد الموجّه لخطاب الصدمة النفسية حول مركزته «الحدث» الصادم في النظرية والتأطير له كحدثٍ واحد مع بداية ونهاية، يتمّ في الدليل التشخيصي والإحصائي (DSM) التعامل مع الصدمة بوصفها حدثاً يحصل وينتهي، ثمّ يتمّ التعامل مع آثاره، كما يتمّ أيضاً تأطيره كـ «مفاجئ» وغير متوقع [5]. انتقاد آخر يتّجه نحو فرضية أساسيّة في نظرية الصدمة مفادها بأنّ الصدمة تخلّ في إيمان الأشخاص بأنّ عالمهم عادل، وبالتالي يتمحور العلاج في «إرجاع» الأشخاص لهذا الإيمان [6]. هذه المقاربات لا تناسب واقع الشعوب والمجموعات المقهورة التي تعيش في ظل ّعنفٍ ممنهجٍ ومستمرّ.

يمكن أن نضيف هنا المكانة المركزيّة التي تنالها الذاكرة في سياق الصدمات والتعافي منها، فنرى في التوجّهات النمطيّة للصدمة واضطراب ما بعد الصدمة اعترافاً في التأثيرات الشافية لتذكّر الحدث الصادم وفي بناء سرديّة ومشاركتها، ولكنّ المحدوديات والحواجز أمام هذا التذكر كانت تفهم كسيرورات نفسيّة أو علاقاتيّة. الإشكالية في هذا التوجّه هي أنّ معظم الأخصائيين والمؤسسات التي تحاول مساعدة المتأذين، لا ترى الحواجز البنيويّة والأثمان الكبيرة للتذكّر والسرديّة الموجودة في العديد من سياقات القهر والعنف والأذيّة السياسيّة [7].

أيضاً في المقابل نجد أنّ خطاب الجَلد أو المرونة والصمود (الـ resilience) هي محاولة أخرى لتأطير ردود الفعل أو العيش في سياق العنف السياسي المستمرّ الذي يفرضه المستعمِر. يحاول هذا الخطاب موازنة اللغة المَرضيّة لخطاب الصدمات عن طريق إبراز العوامل والموارد التي تساعد الأشخاص في التعامل «الصحي» مع الأحداث الصادمة. في كلا الحالتين، يتمّ حصر الخطاب حول الأبعاد النفسيّة للتجربة في أحد القطبين – مصدوم أو متعافي – وفي كلا الحالتين يكون فهم الصدمة بطريقةٍ شخصيّة وفرديّة.

وهناك توجّهات نقديّة لا ترى المرونة والصمود كموردٍ شخصي وفردي، بل كسيرورة ناتجة عن البيئة الاجتماعيّة والعلاقاتيّة المحيطة بالأشخاص. الجَلد، أو الصمود الجمعيّ، يتأثر بالموارد الاجتماعية للجماعة وبناها التحتيّة الفعلية وأنماطها الثقافيّة لإدارة العلاقات الإنسانيّة [8]. تعطي هذه العوامل أفراد المجموعة معلوماتٍ وآليات تواصل وقدرات ومهارات متعدّدة وتطوير اقتصادي [9]،  والذي يبني الشعور بالأمل والفاعلية والثقة والاعتماد المتبادل لدى أفراد المجتمع [10]،  وهي مشاعر تعزّز النمو والصمود في وجه الصدمات. كما يمكن من هذه القراءة، وغيرها من قراءات واقع القهر ومقاومته، أن ينبع الفهم الذي يرى في مساعدة الأشخاص على ممارسة فاعليتهم السياسية والاقتصادية كأحد أساليب تطوير الحصانة والجَلد النفسي والعاطفي عندهم [11].

ليست الصدمة في السياق الفلسطيني «حدثاً» معيّناً أو مفاجئاً يجعل من الأطفال والبالغين ضحايا خاملين، بل على العكس من ذلك. فالشعب الفلسطيني يعيش في سياق مشبع في العنف السياسي كمجموعة. بالتالي، وبالإضافة إلى الصدمات، تشمل تجربتنا كفلسطينيين نسيجاً وخطابات ومباني اجتماعية توازن التجربة الصادمة، وتضيف إليها عوامل أخرى [12].

 وفي ظلّ المحاولات الفعّالة للمنظومة لمحو الذاكرة الجمعيّة والخلّ في سيرورة التعافي الفرديّة والجمعيّة، يمكننا التفكير في القوانين المختلفة (الرسمية وغير الرسمية) التي تجرّم وتعاقب التمسّك في الرموز الجمعيّة والوطنيّة الفلسطينيّة والمناداة بها، أو في الأساليب المتعدّدة التي تقمع بها السلطة (سواء فعلية أو رمزية) محاولات مشاركة الناس ونشر الوعي حول العنف والسلطوية التي تمارس على الشعب الفلسطيني وفاعليته الحيّة.

في السياق الفلسطيني، تُظهر أبحاث معيّنة الأمل الجمعيّ باعتباره شعوراً يمكن تحقيقه عبر الانسجام الجمعي وعبر ممارسة الفاعليّة الجمعية؛ أيّ أن تكون الجماعة في الموقف المبادِر للفعل لا في موقف ردّة الفعل أو الخمول أمامه، وهذا ما تنتجه تجارب أذيّة جماعيّة سابقة [13]. بكلماتٍ أخرى، ليس الشعب الفلسطيني بالضرورة ضحيّةً مصدومة فحسب، بل هو أيضاً فعّال ومقاوم ويسعى من أجل تعافيه. وهنا، لا نحاول في دراستنا للانتقادات المختلفة على خطاب الصدمة تفضيل أحدها على آخر، إنّما التشديد على أنّ جميعها يصبّ في عدم توافق هذا الخطاب مع السياق الاستعماري الذي نختبره. ومن هنا، بإمكاننا البدء في المحاججة بأنّ الخطاب الذي يتناول ضرورة تخطّي الصدمة والوصول إلى الجَلَد يؤكّد بدوره على هذه الثنائيّات المشاعريّة ولا يتحدّاها.

يجدر التنويه هنا وإعادة التذكير [14] بأنّ إحدى الفرضيّات التي تنضوي تحت إطار علم النفس المهيمن هي مذهب المتعة (Hedonistic Approach). يعزّز هذا التوجّه الثنائيّات ما بين المتعة والألم، أو الفرح والحزن، ويكون الافتراض الأساسيّ فيه بأنّ سعي الإنسان هو باتجاه حياةٍ خاليّةٍ من أيّ مشاعر وتجارب تعتبر سلبيّة أو تنتج مشاعر سلبيّة. وبناءً على هذا الافتراض، يتمّ تطوير أدواتٍ لقياس عافية ورضا الإنسان، عبر قياس مدى قرب التجربة المعاشة من المشاعر الإيجابية وابتعادها عن المشاعر السلبية. يفتقر هذا التوجّه الضيّق لفهم تجارب الشعوب التي تختبر القهر الاستعماري ولا يتعامل مع تجربتها التحرّرية، رغم إدراك هذه التجارب للكمّ الهائل من التحدّيات والمصاعب الحياتيّة والمشاعر المرافقة لهذا السعي.

وفي انتقاد توجّه (Hedonistic)، تمّ طرح مذهب تحقيق الذات (Eudaimonic) كتوجهٍ بديل لا تتمحور فيه العافية والسعادة حول المتعة. نعود هنا إلى الخلاصة بأنّه حتّى عند اعتماد توجّهاتٍ تبتعد عن توجّه المتعة في علم النفس، نبقى  في إطار التركيز على التجربة الفرديّة والتي يصعب من خلالها فهم تداخل السياسيّ والاجتماعيّ وتأثيره على المجتمعات المستعمَرة. من هذا المنطلق، يمكننا البدء بالتفكير في أهمية عدم الحكم على المشاعر مثل الغضب والحزن والفقدان كمشاعر سلبيّةٍ فحسب، إنّما أيضاً إدراك أسبابها وموضعتها في سياقها السياسيّ والاجتماعيّ بهدف التعامل معه.

وإن أردنا الصورة الأكثر شموليّة وتركيباً، فعلينا التفاعل مع الطيف الكامل من المشاعر التي يعيشها المجتمع في ذات الوقت وأن نتجاوز الثنائية القطبيّة ما بين المشاعر الجيّدة/الإيجابيّة وبين المشاعر السيئة/السلبيّة. يتيح لنا هذا مثلاً أن نفكر في سعي الناس ليكونوا جيدين نفسيّاً في ذات الوقت الذي يشعرون فيه بالحزن، أو العيش مع معاناة أو صعوبة معيّنة والفرح في أوقاتٍ أخرى – دون أن يكون التغلّب أو تجاوز الصعوبات شرطاً لاختبار الفرح والسعادة والأمل.

نتذكر أيضاً عمل المؤسسات اللاحكومية والمبادرات العلاجيّة على تجيير هذه الخطابات- الصدمة والجَلد- في تعقيم التجربة من السياسة والواقع المركّب المعاش، ممّا يذكرنا [15] بفرضيّة اللاتاريخ التي يتضمّنها علم النفس المهيمن. حيث تتّجه التدخلات النفسيّة التي تركّز على خطاب الضحية/المصدوم نحو ضرورة معالجة هذه الأعراض المَرضية لإيصال الأفراد إلى المعافاة الفرديّة دون التعامل مع مسبّباتها. يشمل ذلك رؤيتنا كضحايا لشرعنة التعاطف معنا ودعمنا من قبل الأفراد والمؤسّسات الخارجيّة.

 أمّا التدخلات التي بدأت بتبنّي خطاب الجَلد، فتجد أنّ مسؤولية بناء القدرات تقع على عاتق المؤسسات، وليس على المجتمع بشكلٍ جمعيّ- تكافلي، وذلك عبر تدخلاتٍ خارجيّة باتجاه بناء الجَلَد (والذي يبتعد عن مفهوم الصمود) [16]. ووفقاً لهذا التوجه، يكون الجَلد بمثابة نجاحٍ فرديّ، مثل النجاح في التأقلم مع الواقع، دون تحدّيه. وبالتالي، يصبح عدم الوصول إلى الجَلد/الصلابة، بمثابة فشلٍ فرديّ وإشارة مَرَضية على عدم القدرة على التأقلم مع الواقع.

تعترف التأطيرات النقديّة التي تربط مفهوم الجَلد مع الشعور بالأمل والانسجام المجتمعيّ بذات الوقت بمشاعر الضيق أو الانحباس التي تتزامن مع هذا الأمل بسبب الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والصدامات القِيمية في الواقع المعاش. وبالتالي، تستمر الشخوص التي تمارس وتعيش التعافي في اختبار عوارض ونفسيّات ومشاعر تنسب لـ «اضطراب ما بعد الصدمة»، ولكن تختبر، بالتزامن معها، مشاعر ونفسيّات أخرى [17].

 أمّا بالنسبة لثنائيّة الضحية الضعيفة والشجاع المواجِه، يعلّمنا التنظير النسوي الأسود أنّ هذه الثنائية دفعت النساء لتكوين «وعي مزدوج» – تعرف النساء قيم المستعمِر وأساليب حياته وتمارسها في بعض الأحيان من أجل النجاة، وتشعر بالتوازي أنّها موجودةٌ في وعيٍ داخليّ مستتر عن أعين المستعمِر تمارس/تختبر عبره مشاعرها وقيمها التي تتناقض مع المتوقّع منها. هناك اعتراف بأنّه، وبالإضافة إلى أساليب المواجهة والمقاومة المباشرة التي مارستها النساء (والرجال) السود، كان هذا الحيّز – الوعي الداخلي – حيزاً استطاعت فيه الشخوص ممارسة حريتها وفهم نفسها وعالمها. أيّ أنّه حتى الصمت يمكنه أن يُعتبر فعلاً تحرّرياً [18].

ثالثا: المشاعر كموردٍ معرفيّ – الكنوز الكامنة في تجاوز الثنائيّات

لا نطرح في هذا النصّ تجاوز الثنائيّات لنتحدّى الخطاب المهيمن فحسب، بل نرى أنّ جزءاً كبيراً من تجاوز الثنائيّات هو التعامل مع هذه المشاعر وتركيباتها بشكلٍ جمعيّ، حيث يوفر ذلك مساحةً لإدراك مسبّبات وجذور هذه المشاعر. خلال هبّة أيار 2021 الشعبيّة على وجه الخصوص، اختبر البعض منّا مشاعر متزامنة مع بعضها البعض، مثل الأمل والخوف (والتخوّف من الأمل)، والتعب والحزن والفرح والغضب. ولا بدّ من توفير حيزٍ للتأمّل في هذه المشاعر وتزامنها بمعزلٍ عن كرسي العلاج – كما هو متوقع – ونقاشها خلال ممارسة العمل الجمعي،  بالإضافة إلى توثيق هذه التجربة والمعرفة والكتابة عنها.

من المهم الإشارة إلى أنّنا لا ندعو فقط لجلب مشاعرنا ونفسياتنا إلى مركز هويّتنا الجمعية، فهناك خطورة كبيرة تكمن في تكوين هويّةٍ سياسيّة وفعلٍ مواجه يتأسّسان على الأذيّة؛ ففي هذه السيرورة، غالباً ما تصبح الأذيّة هي المؤشر المركزي للعضويّة في المجموعة والنضال السياسيّ، ويتمّ التغاضي عن مصدرها أو نسيانه.

 والقصد هنا أنّ بناء هويّةٍ جمعيّة حول مشاعر الأذيّة وتلقّي العنف بإمكانه تحويل الأذيّة لشيءٍ «موجود» فقط، بدلاً من شيءٍ يحدث في مكانٍ وزمانٍ معيّنين. فالتشبّث بـ «الأذية» كصفةٍ جوهريّةٍ للهوية يشيّء التجربة المعاشة، ويختزلها في حدود الأذيّة، وفي تكوينها كمؤشرٍ أساسيّّ للهوية الجمعيّة، كما تصبح تصنيفاً يشيّئنا كأشخاص أيضاً.

مع أخذ هذه الخطورة بالحسبان، لا يمكن للبديل أن يكون مقتصراً على تجاوز الأذيّة أو تناسيها – أيّ سيرورة تعيد إنتاج الأذيّة من جديد- بل مواصلة تذكّر كيفيّة حدوث هذه الأذيّة  لأجساد ومجموعات معينة، وما هو مصدرها. هنا، تتحوّل مهمّتنا من تناسي الماضي إلى التحرّر من تأثيراته التي تحدّدنا [19]. ولذلك، نتوجّه في هذا القسم نحو تفكيك الثنائيّة الهرميّة بين الشعور والمنطق، أو الشعور والفكر، بهدف النظر إلى مشاعرنا الإيجابيّة والسلبيّة كمصادر للمعلومات والمعرفة السياسيّة.

وبالاعتماد على الفهم النسويّ والمناهض للاستعمار، أتينا في النص الثاني على ذكر أنه عند تجريدنا للتجربة والمشاعر الخارجة عن القانون من التأطيرات السلبية والفردانية والمرضية، نبدأ بفهم مشاعرنا كمصدرٍ لمعرفة ضرورية في تحرّرنا، ونفهمها كأساسٍ وقاعدةٍ لخلق تفكيرٍ نقديّ للعالم والواقع الاجتماعي.ّ وعندما نتأمّل في هذه المشاعر التي تربكنا (انزعاج، نفور، غضب، حزن أو خوف) يمكننا استحضار هذا الشعور الفطريّ بأننا نعيش في واقعٍ وسياق تملؤه الهيمنة والقسوة والظلم والعنف إلى تجربتنا الواعية [20]. حسب «أودري لورد»، المشاعر العميقة (التي تسميها «الإيروتيكية») هي مورد ومصدر قوّة، وقد علّمتنا المنظومة القاهرة (والفكر الأوروبي) أن نشوّهه ولا نثق به كوقود في مواجهتنا للقهر. تجبرنا هذه القدرة – القدرة على اختبار مشاعرنا بكامل قوّتها وتركيبتها في كل حيّز وعمل في حياتنا – على أن نتوقّع من أنفسنا اختبار هذه التجارب في باقي أعمالنا الحياتيّة وأن نتوقف عن القيام بالأعمال التي لا تجلب لنا الكفاءة والسعادة والسرور [21].

تنجح أنظمة القهر عادةً في عملها بواسطة السيطرة على «الإذن بالرغبة»، أيّ استلاب قدرة المقهورين على الشعور والحبّ العميق للذات ولأفراد المجتمع، ولمبادئ كالعدالة والحرية. لذلك، يتضمّن التحرّر من القهر استرجاع القدرة على أن يحبّ الشخص ما يشاء [22]. هذا ما يجعل إصغاءنا لمشاعرنا فعلاً تحرّريّاً ومهدّداً لمنظومة القهر.

تعرّف هذه المنظومة الرأسمالية ما هو جيد حسب ما هو المربِح، وليس حسب ما يجيب على احتياجاتنا الإنسانية. بالتوازي، تعرّف احتياجاتنا الإنسانية كاحتياجاتٍ جسديّة فقط (بمعزل عن الاحتياجات النفسية والعاطفية). وبهذا، تجعل من العمل احتياجاً أساسيّاً ومسلوب المعنى والمشاعر. يتيح لنا الإصرار على اختبار المشاعر جميعها وبقوّة، في كل السياقات، ورفض التنازل عن تركيباتها أو الاكتفاء في «المريح» و«المتوقع» أو «الآمن»، السيطرة على مصيرنا ورفض المشاعر المقحمة من المنظومة، مثل الاستسلام وطمس الذات، وتحدّيها كي لا تضعفنا وتسلب منّا قدرتنا على المواجهة [23].

الثنائيّات التي تفرضها أدبيات علم النفس المهيمن تتضعضع حين نلاحظ ما نختبره على أرض الواقع. فمثلاً، نرى بوضوح أنّ الخوف لا يلغي المواجهة، بل يتزامن معها في كثيرٍ من الأحيان. ومن الممكن للخوف بحدّ ذاته أن يكون شعوراً مهماً؛ حيث يعطينا إذناً للشعور بالحذر، ويساعدنا الحذر الأمنيّ في الحفاظ على أنفسنا وعلى بعضنا البعض. بالتالي، من الممكن للخوف والحذر والصمت، والمعرفة التي تنطوي عليهم، أن يكونوا مفيدين للتجربة الجمعيّة وليسوا مجرّد عوارض لاسياسية أو لاتاريخية.

بالإضافة إلى ذلك، وبهدف الحفاظ على التفوّق الأبيض وتعزيزه، اشتملت سيرورة الاستعمار على تعليم الشعوب المستعمَرة كبت غضبها؛ أيّ عدم توجيه الغضب النابع من الاستعمار والعنصرية والرأسمالية نحو المستعمِرين والعنصريين والرأسماليين [24]. فلماذا يُنتزع الغضب من المقهورين؟

حسب «سبيلمان» [25]، ارتبطت المجموعات المسّيطرة سياسياً واجتماعياً وثقافياً في الثقافة الغربيّة تاريخيّاً مع «المنطق»، بينما يتمّ ربط المجموعات المستضعفة والمقهورة مع «العاطفة». ومع ذلك، كان هناك دائماً شعور خارج عن هذه القاعدة، وهو الغضب. على الرغم من أنّ المتوقع أن مشاعر المجموعات المهمّشة والمستضعفة تدير حياتها، فالغضب غير مقبول منهم.  استثناء الغضب ليس بمحض الصدفة، فالغضب تجربة أساسيّة في سياسة المشاعر: عندما أغضب على شخص ما، أعتبر نفسي، حتى ولو بشكلٍ مؤقت، صاحب القدرة على تقييمه والحكم على سلوكه. إذا كان هذا الشخص يُعتبر صاحب مكانة أرفع مني، في لحظة الغضب اعتبر نفسي واعتبره سواسية. هذا ما يجعل الغضب نوعاً من أنواع المواجهة، وما يجعله يهدّد المجموعات المسيطرة. ليس فقط لأنّ غضب المقهورين يمكن أن يحرّكهم للفعل ضدّ القهر ومصدره، بل لأنّه أيضاً يشير إلى أنّهم يأخذون أنفسهم «بجديّة» ويؤمنون أن لديهم القدرة والحق بإطلاق الأحكام على القاهرين. بكلماتٍ أخرى، إنكار الغضب عند المقهورين واستلابه منهم هو جزء أساسيّ من آليات القهر والاستبداد، ووجود الغضب والتعبير عنه هو فعل مقاومة وعصيان.

يذكرنا هذا في محاضرة «أودري لورد» عن الغضب واستخداماته [26]، حيث خاطبت النساء الملوّنات وشاركتهنّ تجربتها مع الغضب كتجربة جمعيّة يختبرونها، وهي تأطير غضبهنّ كعديم فائدة ومخرّب، في محاولة لتقييده. حسب «لورد»، لكلّ إنسان مقهور مخزون مليء من الغضب يمكنه أن يكون مصدر طاقةٍ للتغيير الأساسيّ والجذريّ للفرضيات في أساس حياتنا وواقعنا، في حال تمّ توجيهه وتركيزه على الأماكن المناسبة؛ فالغضب «محمل بالمعلومات والطاقة».  أمّا إذا رفضنا الإصغاء لغضبنا أو لم نعبّر عنه ونتعلّم منه، سيبقى غير مفيد، حتّى أنه سوف يدمّرنا كأفراد وجماعة. بإمكاننا تأطير الغضب على أنّه مواجهة لمفاهيم ومعاني قاهرة ومهيمنة ومفهومة ضمنيّاً. في علاقته مع الماضي، يُشير الغضب إلى تكوّن الظروف القاهرة في لحظةٍ تاريخيّة وإلى أنّها ليست واقعاً منزّلاً. وفي علاقته مع المستقبل، يشمل تخيّلاً ورغبة بشيء غير موجود حتى الآن. لهذا، الغضب شعورٌ تحرّري ومقاوم يحمي الأشخاص من عمل القهر في أنفسهم وذواتهم بواسطة تكوين ذوات مع مواقف رافضة ومعارضة للمفهوم ضمنياً، كما يحفّز الأشخاص لتخيّل وخلق أنفسهم ومستقبلهم بطرق جديدةٍ ومختلفة عن المهيمن والمفروض [27].

«في الوقت الحالي، هناك غضب عند المقهورين وأيضاً التفاف دون هدف، اقتراب للخطوة القادمة مع عدم التأكد من ما هي وما معناها» «بيل هوكس» [28]

رابعا: التعجّب والأمل ورؤية المستقبل

موضَعَ هذا النص بعض المشاعر التي تعتبر سلبيّة في مركز الفكر والفعل السياسيّ المقاوم والمواجِه محاولاً الإشارة إلى المكاسب التي يمكننا نيلها نتيجة الإصغاء لهذه المشاعر والمعرفة التي تنطوي عليها بدلاً من محاولة التغلّب عليها.

لكن من المهم التنويه إلى أنّ المشاعر التي تعتبر إيجابية لها أيضاً مكانة مركزيّة في الفكر والفعل السياسيّ. مثلاً، يُعتبر التعجّب في الفكر النسويّ شعوراً يتيح لنا أن نرى العالم والمباني الاجتماعيّة وكأننا نراها للمرة الأولى، وبالتالي يساعدنا على تفكيك تطبيعها. كما يرتبط التعجّب في الأمل وفي التغيير والرغبة في الانخراط في العمل السياسي. ينظر الفكر المقاوم والعمل المواجـِه إلى المستقبل، ويهدف لتكوين مستقبلٍ يختلف عن الماضي والأساليب والأشكال التي تكوّنت بها المباني الاجتماعية. ينال الشعور بالأمل هنا مكانةً مركزيّة، فالأمل هو ما يتيح لنا الشعور بأنّ ما يغضبنا ليس حتميّاً، حتّى عندما يبدو التغيير غير ممكن أحياناً [29].

الاعتراف بالواقع العاطفي للتغيير الاجتماعي والقهر والمواجهة يعني بناء مساحاتٍ تستوعب هذه المشاعر وتستقي منها للعمل المواجِه/المقاوم. في السياق الفلسطيني مثلاً، يعدّ عملنا  كأخصائيين وناشطين عملاً سياسياً من أجلنا نحن، وليس فقط من أجل أبناء شعبنا، ولهذا يجب علينا تخطّي ثنائية المهني-الشخصي والتعمّق في فهم تأثيرات السياق الذي نعمل به، علينا وعلى حالتنا النفسية والعاطفية. هذا بالإضافة إلى إدراكنا بأنّ العمل مع أبناء شعبنا الذين تعرّضوا للأذيّة والعنف والصدمات يجعلنا نختبر بأنفسنا ما يُسمى بالصدمة غير المباشرة (Vicarious Trauma). ومن المهم التذكّر بأنّ الأشخاص ليسوا ضحايا مصدومة فقط، فنقاط القوّة والموارد التي تطوّرها وتستفيد منها الأشخاص، والجَلد الشخصي والجمعيّ الذي نصادفه في هذه السياقات، يؤثر علينا أيضاً ويساعدنا في تطوير جَلدنا نحن (أي الجَلد غير المباشر Vicarious Resilience) وقدرتنا على الصمود بوجه التحدّيات والعنف الذي نمرّ به في جميع سياقات حياتنا الشخصيّة والمهنيّة والأخرى [30].

في فعل الكتابة عن هذه المشاعر وشرح ضرورة تحليلها وربطها بأهميّتها السياسيّة والفعليّة، لا بوصفها مجرّد مشاعر عابرة تتموضع في التجربة الشخصية والفردية، نقوم نحن أيضاً في مواقعنا بتعزيز أهميّة توثيق التجربة بشكلٍ شموليّ، الأمر الذي يتطلّب فهمنا للأبعاد النفسيّة والعاطفيّة.

في هذا الفعل – أيّ توثيق تجربتنا المعاشة بجوانبها المتعدّدة – المتجذّر في التجربة المعاشة أهميّة تحرّرية أيضاً، وإن كان بحدّ ذاته عملاً صعباً وفي حيّز التطوير [31]. في فعل الكتابة هذا وغيره من نصوص قادمة نعمل على استرجاع الذاكرة الجمعيّة لنعي اللحظة التاريخية الآنية والتراكمية في وجه الخطابات التي تستمرّ في المساهمة في نزع السياسة والتاريخ من فهمنا لتجاربنا.

المراجع:

[1] Bhatia, S. & Priya, K.R. (2018). Decolonizing culture: Euro-American psychology and the shaping of neoliberal selves in India. Theory & Psychology, 28(5), 645-668.

[2] Horn, J. (2020). Decolonising emotional well-being and mental health in development: African feminist innovations, Gender & Development, 28(1), 85-98.

[3] Pedersen, D. (2002) Political Violence, Ethnic Conflict, and Contemporary Wars: broad implications for health and social well-being. Social Science and Medicine. 55 (2), 157-190.

[4] Bhatia, S. & Priya, K.R. (2018). Decolonizing culture: Euro-American psychology and the shaping of neoliberal selves in India. Theory & Psychology, 28(5), 645-668.

[5] Visser, I. (2015). Decolonizing Trauma Theory: Retrospect and prospects. Humanities, 4, 250-265.

[6] Horn, J. (2020). Decolonising emotional well-being and mental health in development: African feminist innovations. Gender & Development, 28(1), 85-98.

[7] Liem, R. (2007). Silencing Historical Trauma: The Politics and Psychology of Memory and Voice. Peace and Conflict: Journal of Peace Psychology, 13(2), 153-174.

[8] Ungar, M. (2011b) The Social Ecology of Resilience: addressing contextual and cultural ambiguity of a nascent construct. American Journal of Orthopsychiatry. 81 (1), 1-17.

[9] Norris, F. H., Stevens, S.P., Pfefferbaum, B., Wyche, K. F. & Pfefferbaum, R. L. (2008) Community Resilience as a Metaphor, Theory, Set of Capacities, and Strategy for Disaster Readiness. American Journal of Community Psychology. 41 (1-2), 127-150.

[10] Sousa, C. A., Haj-Yahia, M. M., Feldman, G. & Lee. J. (2013) Individual and Collective Dimensions of Resilience Within Political Violence. Trauma, Violence & Abuse. 14 (3), 235-254.

[11] Horn, J. (2020). Decolonising emotional well-being and mental health in development: African feminist innovations. Gender & Development, 28(1), 85-98.

[12] Marshall, D.J. & Sousa, C. (2017). Decolonizing Trauma: Liberation Psychology and Childhood Trauma in Palestine. In: Christopher, H. & Kathrin, H. (eds.). Conflict, Violence and Peace. Springer (Ch. 16).

[13] Giacaman, R. (2005) Coping with Conflict. Education for Health. 18 (1), 2-4. Available from: http://www.educationforhealth.net/temp/EducHealth1812-4168336_113443.pdf

[14] في النص الثاني من السلسلة – أساسات للتحرّر النفسي: منظور مناهض للاستعمار

[15]  النص الثاني من السلسلة – أساسات للتحرّر النفسي: منظور مناهض للاستعمار

[16] مثال:

United Nations Expert Group Meeting on Mental Well-being, Disability and Disaster Risk Reduction

[17] Eggerman, M. & Panter-Brick, C. (2010) Suffering, Hope, and Entrapment: resilience and cultural values in Afghanistan. Social Science and Medicine, 71(1), 71-83.

[18] Patricia Hill Collins – The Power of Self-Definition. In: Black Feminist Thought: Knowledge, Consciousness, and the Politics of Empowerment. (Ch.5).

[19] Ahmed, S. (2004). The Cultural Politics of Emotion.

[20] Jaggar, A. (1989) Love and knowledge: Emotion in feminist epistemology. Inquiry, 32(2), 151-176.

[21] Lorde, A. (1984). The Uses of the Erotic: The Erotic as Power.

لورد، استخدامات الإيروتيكية. ترجمة: سماح جعفر. مجموعة “اختيار”.

[22] Patricia Hill Collins – Black Women’s Love Relationships. In: Black Feminist Thought: Knowledge, Consciousness, and the Politics of Empowerment.  (Ch.7).

[23] Lorde, A. (1984). The Uses of the Erotic: The Erotic as Power.

لورد، استخدامات الإيروتيكية. ترجمة: سماح جعفر. مجموعة “اختيار”.

[24] hooks, b. Killing Rage: Militant Resistance, in: Killing Rage – Ending Racism.

[25]  Spelman, Elizabeth V: Anger and Insubordination. In: Garry, Ann/Pearsall, Marilyn (eds.): Women, Knowledge and Reality: Explorations in Feminist Philosophy. Boston 1989.

[26] Lorde, A. (1981). The Uses of Anger: Women Responding to Racism (Keynote presentation at the National Women’s Studies Association Conference, Storrs, , Connecticut.

لورد، استخدام الغضب :مواجهة النساء للعنصرية. ترجمة: تامر موافي. مجموعة “اختيار”.

[27] Tsantsoulas, T. (2020). Anger, Fragility, and the Formation of Resistant Feminist Space. The Journal of Speculative Philosophy, 34(3), 367-377.

[28] hooks, b. Beyond Black Only, in: Killing Rage – Ending Racism.

[29] Ahmed, S. (2004). The Cultural Politics of Emotion.

[30] Horn, J. (2020). Decolonising emotional well-being and mental health in development: African feminist innovations. Gender & Development, 28(1), 85-98.

[31] Tuhiwai, S.L. (2012). Decolonizing Methodologies: Research and Indigenous peoples. Zed Books.

Scroll to Top