خضنا في هذه السلسة من الورش مسارًا معرفيًّا-تأمليًّا، انطلقنا به من نقد المفاهيم والعدسات المهيمنة التي تُسقَط علينا من علم النفس المهيمن والمجالات الأكاديمية اخرى، وتنال شرعية لنطبّعها ونستخدمها في تأطيرنا للأبعاد النفسيّة والعاطفيّة والعلاقاتيّة في تجاربنا. قدّمنا علم النفس التحرّري عبر عدساتٍ تحليليّة نسويّة ومناهضة للاستعمار، لتشكّل بديلًا متناغمًا مع واقعنا الذي يوفر لنا إمكانية بناء فهم مغاير للأبعاد النفسيّة والعلاقاتيّة. تعلّمنا تجارب المجموعات المقهورة وتنظيرات علم النفس التحرري أنّ تغيير النقطة التي ننطلق منها لفهم معرفتنا عن المشاعر، يمكّننا من احتضان التركيبة البشرية والتعمّق في التجربة، عوضًا عن تسطيحها وعزلها في أجزاء منفصلة ومستقلّة «قابلة للقياس». مما يقوّينا ويعزّز قدرتنا على المقاومة والتحرّر، ويهدف ليتيح لنا كمجموعات وأشخاص مقهورة أن نخوض الصيرورات الجمعية والشخصية التي تمكّننا من استرجاع قدرتنا على الخلق، بدلا من الاستمرار في اعادة بناء وتجسّد مباني القهر والاستعمار.
عبر لقاءات ثلاثة، بمدّة ثلاثة ساعات لكل لقاء، تأملنا في الكنوز التي يتيحها لنا تجاوز الثنائيات النفسية، النشاطية والمفاهيمية، محاولين طرح تفكيرٍ يتبنّى كلّانيّة الأبعاد النفسيّة، ويتعامل مع التعافي كممارسة جمعيّة مستديمة. نظرنا إلى تجارب الأفراد على أنّها انعكاسات لتجارب وظواهر اجتماعية، لا انعكاسًا لأنماط شخصيّة وفرديّة. من خلال تفكيك ثنائية الفرد-الجماعة، فكّرنا في الجوانب العلاقاتية والتنظيمية في الأفعال المواجِهة والتحررية، والمحدوديّات المفروضة عليها والبدائل التحررية الممكنة. ومن خلال تفكيك ثنائية الجسد-النفس، انتقدنا موضوع الاعتناء الذاتي من منظور شمولي، وفكّرنا ببدائله التحررية التي تشمل الأفعال المواجِهة والرعاية او الاعتناء الجمعي. تزوّدنا طريقة التحليل هذه بمدخل لتناول الجوانب المعرفية الفكرية والفلسفية، وتوفر لنا في الوقت ذاته آليات عملية لقراءة واقع حياتنا والتغيير به.